الاثنين، 4 مارس 2013

قاعدة شرط الواقف كنص الشارع




الفصل الأول : مفهوم  القاعدة الفقهية شرط الواقف كنص الشارع 
المبحث  الاول : التعريف بالقاعده الفقهية ومدلولها
المطلب الاول : تعريف القاعدهالفقهية لغة واصطلاحاً

اولاً : تعريف القاعده لغة :
مادة قعد (القاف والعين والدال ) من الاستقرار والثبات ، ومن ذلك قوله عز وجل  {والقواعد من النساء } ، كما تفيد معنىالأساس ، فقواعد البيت أساسه ومن ذلك قوله تعالى { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت{ [1]

ثانياً : تعريف القاعدة اصطلاحاً :
عرفها السبكي بالأمرالذي ينطبق عليه جزئيات كثيرة تفهم أحكامها منها ، ومنها مالا يختص بباب ،كقولنا  اليقين لا يرفع بالشك ، ومنها ما يختص كقولنا  كل كفارة سبيلهامعصية فهي على الفور.[2]
وعرفها الامامالمقري بكل كلي هو أخص من الأصول وسائر المعاني العلية العامة ، وأعم من العقودوجملة الضوابط الفقهية الخاصة .

الفرق بين القاعدة والضابط:
 العلماءفي تفريقهم بين القاعدة والضابط على مذهبين ، فمنهم  من فرق بين القاعدة والضابط بينما لم يفرق غيرهموعرفوهما بتعريف واحد .

فذهب السبكيالى ان الضابط : ما اختص بباب ، وقصد به نظم صور متشابه أن يسمى ضابطاً .[3] وبهذا ذهب ابن نجيم فقال : الضابط يجمع الفروع من باب واحد [4]


 مفاد ذلك ان القاعدة جمعت فروعاً من أبواب مختلفهبينما الضابط يجمع فروعاً من باب واحد  .

وعرف الفيومي وهو من الفريق الاخر القاعده  بمعنى الضابط، وهي الأمر الكلي المنطبق على جميع جزئياته . [5]

المطلب الثاني : مفهوم قاعدة شرطالواقف كنص الشارع

أولاً: ألفاظ ورود القاعده :
·                  نص الواقف كنصالشارع في وجوب الاتباع و العمل .
·                  ألفاظ الواقفكألفاظ الشارع في وجوب الاتباع .[6]
·                  شرط الواقف كنصالشارع في وجوب العمل فيه و في المفهوم والدلاله .[7]
·                  شرط الواقف يجباتباعه.[8]

تعريف مفردات القاعدة :
الواقف هو اسمفاعل من وقف يقف والمراد فاعل الوقف ومنفذه ، و هو الحابس لعين على ملك الله تعالىو الوقف معناه الحبس ، يقال وقفت الدار وقفاً حبستها في سبيل اللهومنها المنع ، يقال وقفت الرجل عن الشيء وقفاً منعته عنه .[9]

والشرط أصل يدل على علم وعلامة، من ذلك، الشرط: العلامة، وأشراط الساعةعلاماتها. [10]




تفسير الفقهاءلقاعدة : " شرط الواقف كنص الشارع "
اتفق العلماء على انه يشترط للعمل بشرط الواقف ان لا يخالف الشرع بأن يكون شرطاً صحيحاًلا باطلاً لانه اذا خالف الشرع فلا يتبع .
لكم يتبين مناختلاف الصيغ التي وردت بها القاعده وجود الاختلاف بين الفقهاء فيما اذا كان نص الواقف كنص الشارع في المفهوم والدلاله فقط ام في المفهوموالدلاله مع وجوب الاتباع والعمل.

القول الاول :نص الواقف كنص الشارع في المفهوم والدلاله و في وجوب الاتباع و العمل
وبيانه أن شرط الواقف المحبس ماله لله تعالى يجب اعتباره في وجوب العمل به، وفي مفهومه ودلالته معامله نص الشارع من ايه او حديث ، فكما ان نصالشارع يجب اتباعه والعمل بما يقتضيه كذلك الشرط الصحيح لواقف فإنه يجب اتباعه ،وهو قول الجمهور .

وتشبيه الجمهورشرط الواقف بنص الشارع من جهتين :
الاولى : انه يتبع في فهم شرط الواقف وتفسيره نص الشارع ، وهذا معنى قولهمفي المفهوم والدلاله .
الثانية : انه يجب احترامه وتنفيذه لانه صادر عن اراده محترمه مثل الوصية ،ولهذا معنى قولهم في وجوب العمل فيه .[11]

القول الثاني :شرط الواقف كنص الشارع في المفهوم والدلاله لا في وجوب العمل به.
اي ان مرادالواقف يستفاد من الفاظ المشروطه كما يستفاد مراد الشارع من الفاظه فكما يعرفالعموم والخصوص والاطلاق والتقييد والتشريك في الشرع من ألفاظ الشارع فكذلك فيالوقف من ألفاظ الواقف ويحمل في خطابه على عادته ولغته التي يتكلم بها سواء وافقتلغة الشارع او لم توافقها ، وهذا قول الحنابله .

يقول ابنتيمييه : " وأما ان تجعل نصوص الواقف او نصوص غيره من العاقدين كنصوص الشارعفي وجوب العمل بها  فهذا كفرباتفاق المسلمين ; إذلا أحد يطاع في كل ما يأمر به من البشر - بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم -والشروط إن وافقت كتاب الله كانت صحيحة . وإن خالفت كتاب الله كانت باطله  كما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليهوسلم أنه خطب على منبره وقال: "ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب اللهمن اشترط شرطا ليس في كتاب الله فهو باطل . وإن كان مائة شرط كتاب الله أحق ; وشرطالله أوثق " ، [12]وهذاالكلام حكمه ثابت في البيع والإجارة والوقف وغير ذلك باتفاق الأئمة ، سواء تناولهلفظ الشارعأو لا ; إذ الأخذبعموم اللفظ لا بخصوص السبب.[13]

ويقول ابن القيم : " وأما ما قد لهج به بعضهم من قولهشروط الواقف كنصوص الشارع، فهذا قد يراد به معنى صحيح ومعنى باطل، فإن أريد أنهاكنصوص الشارع في الفهم والدلالة، وتقييد مطلقها بمقيدها، وتقديم خاصها على عامهاوالأخذ فيها بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فهذا حق من حيث الجملة، وإن أريد أنهاكنصوص الشارع في وجوب مراعاتها والتزامها وتنفيذها، فهذا من أبطل الباطل، بل يبطلمنها ما لم يكن طاعة الله ورسوله، وما غيره أحب إلى الله وأرضى له ولرسوله منه،وينفذ منها ما كان قربة وطاعة" .[14]




[1]  معجم مقاييس اللغة (5/108)
[2]  الاشباه والنظائر (11/10)
[3]  المرجع السابق
[4]  الاشباه والنظائر ( 192 /1)
[5]  المصباحالمنير مادة قعد (2/510)
[6]  شرح الخرشيعلى مختصر خليل (7/92)
[7]  الاشباه والنظائر لابن نجيم (275)
 [8]  الفوائد الزينية (70)
[9]  مجمل اللغة (1/943) ، مقاييساللغه (6\135) ، مختار الصحاح (1/344)
[10]  مجمل اللغة (1/525) ، مقاييساللغه (3\260) ، مختار الصحاح (1/344)
[11]  شرح القواعد الفقهية(1/483) ، موسوعة القواعد الفقهية (5/82)
[12]فتح الباري ( 116/ 5) ، صحيح مسلم( 1142/2)
[13] مجموع فتاوى ابن تيميه (31/48)
[14] اعلام الموقعين (4/143)